Warning: "continue" targeting switch is equivalent to "break". Did you mean to use "continue 2"? in /home/qatarimn/public_html/wp-content/themes/Extra/includes/builder/functions.php on line 4943
تخفيف الضغوظ - https://www.qatarim.net

Select Page

تخفيف الضغوظ


Warning: count(): Parameter must be an array or an object that implements Countable in /home/qatarimn/public_html/wp-content/themes/Extra/includes/template-tags.php on line 54

Warning: count(): Parameter must be an array or an object that implements Countable in /home/qatarimn/public_html/wp-content/themes/Extra/includes/template-tags.php on line 54
تخفيف الضغوظ

تخفيف الضغوط
(قراءة نفسية ثقافية)
د. منصور القطري
 
 
    قادنا النقاش معَ الطلبة المتدربين في أكثر من ورشة عمل وبرنامج حول ” ضغوط العمل و مواجهة المواقف الصعبة في الحياة ” في اغلب دول الخليج إلى طرح أسئلة وحوارات جميلة حول ظاهرة” الضغوط ” .
التأمل التجاوزي:
          فقد قمنا بتوزيع تقرير يتعلق بموضوع ” التأمل التجاوزي” والذي طبق في مراكز متخصصة في لبنان وهذه التقنية تستخدم لتحقيق تأهب مريح للعقل والنفس من الضغوط , وهذه الرياضة أي ” التأمل التجاوزي ” تتم بمعدل عشرون دقيقة يومياً نصفها في الصباح ونصفها الآخر في المساء ويتم ذلك في وضعية جلوس مريحة بعينين مغمضتين , ويعتقد ممارسو ” تقنية ” التأمل التجاوزي بأنها ستبعد عنك حتماً قنطاراً من العلاج ” .
 
          ويذهب التقرير إلى اتباع هذه التقنية ينتشرون في لبنان بشكل كبير وهم نقلوا هذه الهواية عن الهند ومؤسسها ” الماريشي يوغي ” ويقولون ما أحوجنا في لبنان إلى كل ما يريحنا من التوتر والضغط النفسي والعصبي اللذين يصادفان اللبنانيين ! من زحمة السياقة وصولاً إلى مشاكل الحياة اليومية ويعتقد ” المهاريشيين ” اللبنانيين !! أن هذه الجلسات ( غفوة قصيرة لمدة 10 دقائق ) تجعلهم يختبرون حالة فريدة من” التأهب المريح” التي تحيي لديهم صفات الإبداع اللامتناهي والديناميكية وتزيد من فعاليتهم ونجاحهم في حياتهم اليومية .
 
          واللافت للانتباه في التقرير أن لهذه الرياضة مراكز في العالم تحت مظلة جامعة مهاريش وقد قسمت حملة مهاريش للتأمل التجاوزي العالم إلى (12) نطاقاً ولكل نطاق عاصمة تمثله وقد وقع الاختيار على بيروت لتكون مركزاً للتأمل التجاوزي في الشرق الأوسط وأنه قد وصلَ عددهم في لبنان إلى (10) الآلاف متأمل ؟!
 
          ونرغب هنا أن نسجل مجموعة من الملاحظات والدروس المستفادة من تلك الحوارات والتقارير . فقد خيمَ على الحوار جو من الشك والريبة حولَ هذه الرياضة !؟ وأن هذه الرياضة تؤثر على المعتقدات ؟ ولماذا تمَ اختيار لبنان بالذات ليكون مركزاً في الشرق الأوسط ؟ إلى آخره من الأسئلة الاستفهامية أو الاستنكارية ؟ يقول الامام علي (سل متفقها ولا تسأل متعنتا) !!
 
 
 
 فكر عالمياً وتحرك محلياً :
 
          بدء نقول أنه يجب ” أن نفكر عالمياً ونتحرك محلياً ” فليسَ كل ما هو أجنبي هو محط ريبة وتوجس وعليه يجب مقاطعة الثقافات الأخرى ! وإن كنا في ما يخص تقنية ( التأمل التجاوزي ) بالتحديد قد نتفهم الآراء الحذرة تجاه بعض الرياضات التي لا نعرف خلفيتها والتي قد تختزن في دلالاتها شيء من الممارسات الوثنية. خصوصاً وأنَ تقنية التأمل التجاوزي للهندي ( المهاريشي يوغي ) والذي يطلق عليه اتباعه تسمية ” المعلم ” تدعو للريبة . كما أن هذه الرياضة لها طقوس استثنائية حيثُ يطلب من المنتسب إحضار بعض الفاكهة مشاركة ” الخبز والملح ” ورزمة ورود ومنديل أبيض بالإضافة إلى أن هناكَ توصيات بعدم نقل طقوس الممارسات إلى الخارج وأن سر هذه التقنية يعلم حصراً في مراكز التدريب وللمشتركين رسمياً فقط ؟
 
          وإذا قُمنا بمحاولة فهم وتحليل تلك التحفظات السابقة فسنجد أنَ لها خلفية عميقة تتصل بنظام العولمة الحالي وشعور المجتمعات العربية والإسلامية بأن بعض المشروعات الترويجيه والإعلامية تستخدم كسلاح للاختراق الأجنبي لمجتمعاتنا ! ومن جانب أخر فتلك الأسئلة الاستنكارية توجب علينا الاعتراف بأن المجتمعات العربية والإسلامية من أكثر الفئات استعصاء على تقبل أفكار أو برامج تتقاطع مع العقيدة الإسلامية وعلى الأخص الغربية منها بسبب الفجوة الثقافية والدينية . ورغم أن الثقافة الإسلامية تحث الفرد على التواصل والانفتاح ( أنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) إلا أنه من الناحية العملية فإنَ المسلم يظل مطالباً بأكثر من غيرة بأن يقدم تنازلات عديدة إذا ما أرادَ أن يتواصل معَ الثقافات الوافدة والتي قد تقوده إلى الذوبان , وهذه التنازلات لا تقتصر على العادات والتقاليد لكنها قد تمس بعض الأحيان دائرة الحلال والحرام .
 
          وقصة التقرير السابق حول ” التأمل التجاوزي ” كان من بين أهدافه أن نقيس وبشكل غير مباشر مدى العلاقة بينَ مجتمعاتنا والمجتمعات الأجنبية فيما يخص أدوات الترويج وكان من بين أهدافه أن نسلط الضوء معَ مجموعة المتدربين على الأساليب الشخصية التي نلجأ إليها في العادة للتخفيف من ضغوط الحياة في بيئتنا المحلية وليسَ في البيئات الخارجية فقط , وقد لمسنا أيضاً من خلال الحوار أن هناكَ انطباع عندَ الغالبية مفاده أن الاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية تخص أو تنتشر في المجتمعات الغربية فقط !! وأننا نحن في مجتمعنا لسنا بحاجة إلى البحث عن أدوات وأساليب لإزاحة الضغوط ؟
 
 
 
 
بينَ عالمية المقاييس والخصوصية العربية :
 
          … والانطباع أو التعميم بعدم وجود أمراض نفسية لا يقتصر على مجتمعنا المحلي اوالخليجي بل تنسحب لتشمل مجتمعنا العربي أيضاً . وذلك على الرغم من ما يقرره كثير من الأطباء النفسيين بأنَ عدد العصابين يتراوح ما بين 30-35% من عدد سكان أي دولة . كما أنَ علماء النفس الانثروبولوجيين يؤكدون أن الأمراض النفسية توجد في كل المجتمعات التي درست على الأطلاق . فقد سجلَ مسح اجتماعي ( حالات الفصام المزمن في مناطق “غانا” الافريقية فوجدَ أن نسبة الفصامين تُشكلَ 8% و أنَ حالات الذهان تصل إلى 9% من عدد السكان وذلك في قبال 8 % من عدد السكان في أوروبا وأمريكا ) كما أن هناكَ دراسة حديثة أجريت على ثلاث قرى هندية تتكون من تسعة آلاف نسمة تبين أنَ 37% من السكان صرحوا بأنهم يعانون من أحد الاضطرابات النفسية بشكل أو بأخر ؟ هذه الإحصائيات تقع ضمن حدود العالم الثالث والذي يقع مجتمعنا العربي في دائرته ومعنى ذلك أنَ مجتمعات العالم الثالث تعاني أيضاً من الأمراض النفسية ؟
          وفي دراسة عن شيوع القلق وعدم الاستقرار الانفعالي قامَ (غالي) بدراسة على 1883 فرداً في المجتمع الكويتي بينهم 450 من الكويتيين الذكور و 557 من الكويتيات و 575 من غير الكويتيتين 296 من غير الكويتيات , حيثُ استخدم معهم مقياس ( أيزنك) لتقدم لنا الدراسة نتيجة مفادها أن الميول العصابية بينَ المواطنين ترتفع عن الوافدين من الدول العربية الأخرى . وأن الإناث أكثر المجموعات عصابية , وكذلك المشتغلون بالتدريس وفئات المرحلة الثانوية . 
          وفي دراسة أجرها الدكتور الفاضل ( عبد الستار إبراهيم ) على ثلاث مجموعات من الطلاب في أمريكا وبريطانيا ومصر حيثُ أفصحت الدراسة بأنَ نسبة العصابية والقلق تزداد بينَ الطلاب المصريين يتلوهم الأمريكيين ثمَ الأنجليز !! 
          كما أجرى الدكتور ( عبد الستار ) دراسة رائعة أيضاً على (300) طالب وطالبة في المرحلة الجامعية بمدينة البيضاء في ليبيا وقام بإعطائهم الترجمة العربية لمقياس (تأكيد الذات) وهذا المقياس يساعد على كشف جوانب العجز عن تأكيد الذات والثقة في مواجهة الآخرين وقد بينت النتائج في مجملها أنَ ما يقارب 52% من العينة قد عبرت عن العجز عن تأكيد الذات وانخفاض الثقة بالنفس في مواقف التفاعل الاجتماعي ؟
          وقد قمنا بتطبيق مقياس الشخصية (أ) و (ب) على مجموعات مختلفة من الموظفين في أكثر من برنامج لنخرج بمؤشرات عامة تُفيد بأنَ الشخصية السعودية تميل إلى أن تكون من فئة (أ) . وأبرز ملامح الشخصية من النمط (أ) أو من بين صفاتها السلوكية ما يلي : ( التفكير في أو عمل شيئيين في آنٍ واحد – التضايق الشديد عند الانتظار في الطابور أو أثناء السياقة خلف سيارة تتحرك ببطء – التحدث بانفعال 0 عدم القدرة على الاسترخاء – المبالغة في الاهتمام بالوقت – عدم ملاحظة الجماليات في الطبيعة أو عدم الاستمتاع بها …. الخ ) .
 
 
 
النعامة التي تخبئ رأسها في التراب :
 
          وبما أنَ المملكة تمر بمرحلة تحول اجتماعي وثقافي حاد , فمن الطبيعي أن تكون هناك تغيرات وتأثيرات لهذه الطفرة , وقد قُمنا برصد عدة إحصائيات وتقارير نضعها أمام القارئ فلعلها ترسم لنا شيء من ملامح الواقع النفسي والاجتماعي . فقد ذكرت دراسة استغرقت عامين بأنَ المرأة في السعودية أكثر إصابة بالسكر من الرجال , وأن نسبة الإصابة بينَ السيدات 52% مقابل 48% للرجال , وتتراوح نسب الإصابة بالمرض حسب المناطق حيثُ زادت في بعضها على 15% وذكرت الدراسة أن معدلات المرض تقل في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية حيثُ تساعد عوامل التمدن على ظهور المرض . كما تقل النسبة أيضاً في المناطق التي يمارس فيها الفرد نشاطاً رياضياً , وخلصت الدراسة إلى أن نسبة الإصابة بداء السكري في المملكة أصبحت مرتفعة .
          وفي دراسة حول التدخين في المملكة ذكرَ تقرير أن (900) مليار سيجارة سنوياً هو حجم الاستهلاك في المملكة وأنه يوجد بالسوق 120 نوعاً من السجائر الأجنبية وأن السجائر الأمريكية تستحوذ على 63% من حجم السجائر وبحسب التقرير فإنَ المملكة تعتبر أكبر سوق للسجائر في منطقة الخليج . وتُفيد التقارير حول التركيبة السكانية في المملكة بأنَ نصف سكان المملكة تقل أعمارهم عن 15 عاماً أي أن معظم السكان هم صغار السن والشباب وهذا يعني سهولة تأثرهم بوسائل الأعلام!!! .
          وفيما يتعلق بطبيعة البناء الاجتماعي ومعدلات الزواج طالعنا تقريراً تُشير نتائجه إلى أن التعليم العالي والوظيفة يقلصان فرص السعوديات في الزواج وأن الكثير من العوائل يعزفون عن تزويج أبنائهم من فتيات تجاوزنَّ الخامسة والعشرين . وأنَ سن الثلاثين هو السن الذي تفقد فيه المرأة فرصتها في انتخاب الزوج المناسب وكأنه يجسد الخط الأحمر للعنوسة ! 
          وأما حوادث السيارات فتشير التقارير إلى أن 80% من الوفيات بالمملكة سببها الحوادث المرورية وأنه يتوفى سنوياً (4000) شخص بسبب الحوادث وأن 30% من الأسر بالمستشفيات تشغل بمصابي الحوادث أي بمعدل (11) قتلى يومياً و (79) إصابة .
          وفيما يتصل بالحالات الجديدة من الأمراض النفسية حسب أهم الشخصيات المرضية ( 1414-1416) فإنَ الاضطرابات الذهانية تُمثل ( 10424) حالة وإنَ الاضطرابات العصابية تشكل ( 25100) وإنَ الصرع يمثل ( 3255) حالة  وان هناك (6000) محاولة انتحار سنويا في المملكة أي (17) محاولة يوميا.
          وفي تقرير طبي يوضح أنه بلغت نسبة حالات الاكتئاب في المملكة 10% من إجمالي عدد السكان , وأن هذه النسبة تعادل النسبة الموجودة على مستوى العالم ؟ والسؤال : لماذا نجهد أنفسنا في ملاحقة ومتابعة الأرقام؟
 
 
 
تأمل الذات :
 
          كنا نهدف من تقديم تلكَ الأرقام والإحصاءات إلى الضغط باتجاه البحث عن أساليب جديدة و إبداعية لمواجهة مشاكل الحياة المعاصرة إنهاء دعوة إلى تأمل الذات , فالفرد في هذه المرحلة يعيش معَ العديد من المتناقضات , فالحياة مشبعة الآن بوسائل الضغط والإنهاك وكذلك بوسائل البهجة والمتعة وتستخدم المجتمعات أساليب وتسهيلات كل حسب ما يلائم بيئته. فعلماء الانثرويولوجيا الثقافية يميزون بين  ثقافة أي جماعة أو أي مجتمع من خلال العناصر التالية :
1) أن لديهم حلول لمشكلاتهم المعيشية .
2) ولهم قيم ومثاليات تشكل قواعد السلوك .
3) ولهم أدوات تستخدم للتعبير عن ثقافتهم المادية والحضارية .
 
          والحقيقة أن المنظور الانثرويولوجي يذهب إلى أن عملية التثاقف على الصعيد النظري يعني التبادل الثقافي المتكافئ . ومن خلال الاحتكاك بينَ ثقافتين مختلفتين يأتي تأثير إحدى الثقافتين في الأخرى . والتثاقف لم يكن دائماً سلمياً وإيجابياً , بل أنه في العديد من الحالات تقوم ثقافة مهيمنة إلى قهر وتحطيم الثقافات الأضعف .
 
          إلا أننا في هذه السطور نقول أن أساليب وطرق ” التخفيف ” من ضغوط الحياة المعاصرة يعتبر مطلب حيوي أو ضرورة ملحة ( في دائرة المباح قانوناً وشرعاً ) حيثُ أخذت الأمراض ( السيكوسوماتية ) أو ما تعرف بطائفة الأمراض العضوية ذات العوامل النفسية أخذت بالتفشي والانتشار .
 
          كما أن هناك درس أخير نستفيده من عصر العولمة : فمن أجل أن نحمي أنفسنا يجب أن نفهم ذواتنا أي نقاط القوة والضعف . فقد آن الأوان لتغيير قواعد اللعبة فليست مهمة الغرب أن يفهمنا بل نحنُ بحاجة إلى أن نكاشف أنفسنا وبحاجة إلى أن نحلل تلكَ المخاوف وبهدوء حتى نتجاوزها .      

Warning: count(): Parameter must be an array or an object that implements Countable in /home/qatarimn/public_html/wp-content/themes/Extra/includes/template-tags.php on line 54

من كتاب رصيد الحكمة

"كُن عادلاً قبل أن تكون كريماً."

للتواصل: qatarim@hotmail.com